اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 234
جَمِيعاً اى جميع من يتأتى منهم الإطاعة ويتوجه إليهم التكليف من الثقلين قائلين لهم منادين عليهم يا مَعْشَرَ الْجِنِّ والشياطين قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ اى استتبعتم وأضللتم كثيرا مِنَ الْإِنْسِ بايقاعهم في مواقع الفتن وتغريرهم الى المعاصي والمهالك والخروج عن مقتضيات الأوامر والنواهي واغرائهم الى مستلذات نفوسهم ومقتضيات شهواتهم وَبعد ما سمع الانس هذا النداء قالَ أَوْلِياؤُهُمْ اى اولياء الجن ومتابعوهم مِنَ الْإِنْسِ متذللين متحسرين رَبَّنَا يا من ربانا بأنواع اللطف والكرم فكفرنا بك بمتابعة هؤلاء الغواة فالآن ظهر الحق واضمحل الباطل نحن مقر بعموم ما جرى بيننا وبينهم إذ قد اسْتَمْتَعَ بَعْضُنا منهم باغوائهم واغرائهم الى خلاف ما امرتنا أنت عليه بالسنة رسلنا يا ربنا وايضا استمتع بعضهم بِبَعْضٍ منا بالمتابعة والموالاة وَبَلَغْنا الآن أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنا على ألسنة رسلك وكتبك يا مولانا فالآن قد جئناك خائبين خاسرين قالَ سبحانه من وراء سرادقات العز والحلال الآن قد انقرض دار الابتلاء ومضى زمان التدارك والاهتداء النَّارُ مَثْواكُمْ جميعا تابعا ومتبوعا ومأويكم ابدا خالِدِينَ فِيها مؤبدا إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ العليم الحكيم وقتا ينقذكم منها كيلا تتعودوا بعذابها ويدخلكم باشد منها واقطع إِنَّ رَبَّكَ يا أكمل الرسل حَكِيمٌ متقن في عموم أفعاله عَلِيمٌ بمقدار جزاء العصاة
وَكَذلِكَ اى مثل قول اولياء الانس للجن نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ من الانس بَعْضاً منهم ايضا ليفتضحوا بِما كانُوا يَكْسِبُونَ من المظالم بتغرير بعضهم بعضا.
ثم قال سبحانه امَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ
المفتضحين على رؤس الاشهاد لَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ
غلب الانس على الجن إذ لم يبعث من الجن نبي بل بعث الأنبياء كلهم من الانس الى الثقلين قُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي
ويدعونكم الى توحيد ذاتى وكمالات أوصافي وأفعالي يُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا
اى يوم القيمة والجزاءالُوا
مضطرين معترفين هِدْنا عَلى أَنْفُسِنا
يا ربنا بأنواع الجرائم والعصيان اليوم بعد ما ظهر لنا الأمر وانكشف الحجاب وصرنا مستحقين بأنواع العذاب والعقاب
ما ذلك الا ان قدرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا
بحيث لم يبالوا بعموم ما جاءهم من عند ربهم لهديهم وإصلاحهم بل كذبوه واستهزؤا به
قد ادى عاقبة أمرهم في عتوهم وعنادهم الى ان هِدُوا
واعترفوالى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ
مستحقين بأنواع العقوبة والعذاب واعلم ان إرسال الرسل وإنزال الكتب انما هو ليتنبهوا وينبهوا اى الرسل العصاة على ما هم عليه
ذلِكَ التنبيه والإرسال أَنْ لَمْ يَكُنْ اى لان لم يكن رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ اى بسبب ظلم صدر عنهم وَالحال انه أَهْلُها غافِلُونَ عن طريق الحق بلا تنبيه منبه وارشاد مرشد نبيه
وَاعلم يا أكمل الرسل وعلم ايضا عموم من تبعك من المؤمنين وذكرهم ان لِكُلٍّ من اهل التكاليف دَرَجاتٌ ودركات عند الله العليم الحكيم معدة إياهم حاصلة لهم مِمَّا عَمِلُوا من الصالحات والفاسدات وبمقتضاها وَما رَبُّكَ المطلع بضمائر عموم عباده بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ بمقتضى التكاليف التي كلفهم بها
وَالحال ان نفعه عائد إليهم إذ رَبُّكَ الْغَنِيُّ المستغنى بذاته عنهم وعن أعمالهم بالمرة صالحها وفاسدها الا انه سبحانه ذُو الرَّحْمَةِ والشفقة على من عمل بمقتضى التكليف امتنانا عليه وتفضلا بلا احتياج له سبحانه إليهم ولا الى عملهم بل إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ ايها الناس الناسون حقوق ألوهيته وتوحيده سبحانه وعموم التكاليف الواقعة في طريقه وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ ما يَشاءُ
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 234